U3F1ZWV6ZTUyMjMzMDUzNzk5NDI3X0ZyZWUzMjk1MzEyNjk3MzkzMA==
أبحث فى جوجل
أبحث فى جوجل

الرؤية الثنائية للذات (يرى نفسه أمامه بدون مرأة ، بدون أحلام)



الرؤية الثنائية للذات




الرؤية الثنائية للذات حالة غريبة ونادرة .. حالة تصيب بعض عباد الله الأصحاء والمرضى .. الأصحاء بمعنى أنهم لا يعانون من أى مرض عقلى أو عضوى ..
فجاءة يرى الإنسان نفسه أمامه .. تماماً كمن ينظر فى مرأة .. ولكن فى هذه الحالة لا توجد مرأة يتطلع إليها ولكنه يرى صورته أمامه .. إنسان أخر يشعر أنه هو نفسه .. نفس ملابسه .. نفس حركاته .. حركاته التى يقوم بها فى نفس اللحظة .. مثلما يقلد شخص شخصاً أخر .. يمشى إذا مشى .. يقف إذا وقف .. يرفع يده فوق رأسه إذا رفعها .. قد يراه مجسداً .. وقد يراه شفافاً بلا ألوان ..قد يراه بوضوح .. وقد يراه قد أحاطه ضباب .. وكأنه مصنوع من دخان .. والأهم من الرؤية هو الإحساس .. إنه يشعر بذاته مجسدة فى كيان أخر .. يشعر أنه إثنان .. وكأن صورته عن نفسه فى مخه قد إنفصلت وخرجت لتحتل حيزاً مكانياً .. وبدلاً من أن يرى نفسه وهو مغمض العينين فإنه يرى صورته أمامه .. تماماً كمن يقف فى حجرة غطيت جدرانها وسقفها وأرضها بمرايات .. فأينما إتجه وجد صورته مجسدة أمامه .. وهو لا يشعر أنه مجرد صورة ، بل يكون لديه يقين  أن الصورة لإنسان حقيقى .. وهذا الإنسان هو ذاته .. أرسطو وصف حالة رجل كان لا يخرج إلا إذا رأى نفسه بشكل مزدوج .. أثنان أحدهما يتجه نحو الأخر .. بعض الشعراء والكتاب وصفوا هذه الحالة كتجربة ذاتية عانوا منها وعيشوها مثل شيلى ، ودى موبسان ، وإدجار الآن ..
قد تظهر الحالة فى بعض الأمراض العضوية كالصرع والصداع النصفى .. وقد تكون عرضاً فى مرض الفصام .. ولكن مريض الفصام لا يأبه بهذه الظاهره .. أو لا يشعر بالقلق حين يرى نفسه أمامه ويقوم بنفس حركاته .. قد تحدث حين يبدأ الإنسان فى النوم .. وقد تحدث مع التوترات العاطفية العنيفة وخاصة الشخصية النرجسية التى لا تحب أحدا إلا نفسها ..
التحليل الأعمق لهذه الحالة يكشف عن وجود رغبة فى الموت ثم إعادة الميلاد .. أى أنه يريد أن يولد من جديد بعد أن يموت .. لقد قام بتخليق شخص أخر .. جسده فى صورته .. أخرج هذه الصورة من مخه ووضعها فى كيان متكامل .. كيان حى يتحرك .. إنها عملية ميلاد لإنسان جديد .. إنه هو الذى وُلد وبُعث من جديد .. ونظراً لإستحالة وجود إثنين .. فإحدهما يجب أن يموت .. يموت القديم ويبقى الجديد .. والجديد يبدأ صفحة جديدة .. الجديد ليست له صلة بالماضى .. الماضى سيموت بموته هو .. الماضى سيموت معه.. وبذلك ستُطوى صفحة لتبدأ صفحة جديدة .. لماذا .. ؟ لأن الماضى كئيب .. ولابد أن الماضى مُثقل بالذنوب .. الماضى مشاكل لا حل لها .. إنه الحل المستحيل لحياة أصبحت مستحيلة فى ظل مشاكل يستحيل حلها ، ومتاعب يستحيل الفرار منها ، وذنوب يستحيل الخلاص  منها .. والموت هو الراحة من كل هذه الأشياء المستحيلة .. ولهذا يجب أن يطلق الرصاص على نفسه ، وبذلك يكون لا مشكلة .. كالذى ينتحر حين تحاصره الديون .. أو كالذى ينتحر حينما يتعرض لفضيحة أو كالذى ينتحر يأساً من شفاء مرض خبيث ، أو كالذى ينتحر هرباً من الإبتزاز .. أو كالذى ينتحر تخلصاً من أحاسيس الذنب .. فلن يكون هناك ديون مطالباً بسدادها ، ولن تؤثر فيه الفضيحة ، ولن ينال منه المرض الخبيث ، ولن يطارده الإبتزاز ، وسيتخلى عن أحاسيس الذنب .. ولكن قبل أن يموت هناك شخص أخر سيواصل الحياة .. إنه الخوف من الفناء الكامل .. فإنسان تُرعبه فكرة الفناء الكامل .. فكرة أنه سيزول زوالاً دائماً ولن يبقى منه شئ .. فكرة أنه سيمضى بلا رجعة ، وستستمر الحياة بدونه .. وبرغم وعى الإنسان الكامل ، ويقينه أنه سيموت بدليل أنه فى كل لحظة يموت إنسان إلا أنه لا يتصور نفسه أنه سيموت مثل بقية الناس .. فالإنسان لديه غريزتان متعارضتان .. غريزة الموت وغريزة الحياة ..
غريزة الموت التى قد تدفعه إلى الإنتحار ، أو القيام بأعمال فدائية ، والمخاطرة بحياته فى ألعاب خطرة ، والإهمال فى صحته بكثرة التدخين ، والأكل والخمور والعمل والسهر ..
وغريزة الحياة التى لا تجعله يصدق أنه سيموت .. أى أنه سيخلد .. تجعله يتشبث بالحياة مهما بلغ به العمر ، ومهما واجهته الصعاب .. ولولا غريزة الحياة لأنتحر كل الناس ..
غريزة الحياة هى التى خلقت هذه الإنسان الأخر .. ليطمئن الأنسان أنه حتى بعد أن يموت فإنه هو هو سيظل فى الحياة .. فها هو يرى نفسه أمامه بكل يقين ..
ودمتم فى رعاية الله
الاسمبريد إلكترونيرسالة