U3F1ZWV6ZTUyMjMzMDUzNzk5NDI3X0ZyZWUzMjk1MzEyNjk3MzkzMA==
أبحث فى جوجل
أبحث فى جوجل

مخاوف إختلال الشكل




مخاوف إختلال الشكل


العرض الأساسى فى مرض (مخاوف إختلال الشكل) أن فكرة خاطئة تسيطر على المريض ويقتنع بها إقتناعاً راسخاً .. فكرة تتعلق بشكله .. أى تتعلق بجسده .. يرى المريض أن جزءاً منه له شكل غير طبيعى .. أى أنه إحساس بالقبح .. هو فقط الذى يراه .. ولذا نقول عنها إنها فكرة خاطئة لأن أحد لا يشاركه فيها .. ومهما حاول أحد إقناعه بعدم صحة ما يقتنع فلن يقتنع .. تصديقه للفكرة راسخ .. بعد ذلك يشعر أن الأخرين يلحظون هذا القبح .. ولذلك يسيطر على صاحب هذا المرض الإحساس بالكأبة .. لدمامته ولأن الناس يلاحقونه بنظراتهم ..
والكثير يعانى من هذه الحالة .. وكل يختار جزءاً يشكو منه .. الشفاة الغليظة أو الشفاة الرقيقة .. الذقن المدببة أو العريضة أو الطويلة أو القصيرة .. الحواجب المرتفعة أو المنخفضة أو المنفرجة .. أحدهم يرى أن يده اليمنى أقصر من اليد اليسرى ، أو أن له رجلاً أطول من رجل .. أو أن له ذراع أغلظ من ذراع .. ولو أحضر له الطبيب مقياس وأثبت له التساوى بين يديه أو ذراعيه أو ساقيه .. يكذب المقياس .. وعيون الناس بل وعين الطبيب المحايد .. لا يصدق إلا عينيه .. وجميع هؤلاء المرضى يطالبون بجراحة تجميلية لإصلاح القبح ..
أعقد الحالات حين تكون المشكلة تتعلق بالأعضاء التناسلية ..أى يرى أن الخلل فى شكل هذه الأعضاء ..ويطالب أيضاً بجراحة لإصلاح هذا التشوه المزعوم .. ويهدد بأنه سيقوم بإجراء الجراحة بنفسه لنفسه..
وتتوقف الحياة عند هذه المشكلة .. تصبح قضيته ليل نهار .. ينام و يصحو على الفكرة المسيطرة ..يهجر عمله ودراسته .. يخرج من عيادة طبيب إلى طبيب أخر .. يلاحق أفراد أسرته أو أصدقائه بالأسئلة .. ونادراً ما يدرك أحد أن هناك مشكلة نفسية ..
فى بعض الحالات قد يكون هناك إختلاف ضئيل لا يُذكرأولا يُلحظ فى حجم أو شكل جزء من جسمه ، ولكن حجم إنشغاله لا يتناسب مع هذا الخلل .. فعمظم الناس لديهم عيوب فى الشكل ..وليس كل الناس يتمتعون بجمال الشكل أو التناسق الكامل أو بالجاذبية .. بل إن بعض الناس يكون حظهم فى الشكل متواضعاً إلى حد كبير .. ولكن كل إنسان يألف شكله ويقبله .. كل إنسان راض عن شكله مهما كان هذا الشكل .. كل إنسان يحب شكله ويجد من يحبونه بشكله هذا ..
إذا تطع الإنسان إلى المرأة فإنه لا يتفحص تفاصيل وجهه .. لا ينظر إلى كل جزء على حدة لا ينظر إلى النسب بين مكونات وجهه .. إنه يرى وجهه وحدة واحدة .. يراه ككل وليس كأجزاء متفرقة .. وفى الحقيقة إنه لا يرى وجهه فقط  وإنما يرى نفسه ككل .. يرى وجهه مرتبطاً بجسده وإن لم يظهر جسده فى المرأة .. يرى وجهه مرتبطاً بمعنى اللحظة التى يعيشها .. كما يراه مرتبطاً بمعنى كل اللحظات السابقة فى عمره .. يرى وجهه مرتبطاً بكل عمره .. بمعنى أنه يرى وجوده كإنسان ..
والإنسان فى حقيقته جسد ونفس ملتحمان أو ذائبان فى كيان أو تكوين واحد ..والنفس هى الفكر والعاطفة ..ومن تفاعل هذا الكيان مع اللحظة ينبثق المعنى .. والمعنى هو تأكيد للحياة والوجود .. فالإنسان يدرك حياته ويدرك وجوده من خلال المعنى .. هذه هى قضيته الأولى .. لذا فهو حين ينظر إلى المرأة فإن إدراكه يصل إلى أبعد من الأنف والشفاة والذقن والحاجبين ..إنه يدرك معنى وجوده من كل الوجه واتصاله ببقية جسده والتحاقه مع نفسه .. إذن لا يوجد إدراك منفصل للجسد .. كما لا يوجد إدراك منفصل للنفس .. بل هناك إدراك للإنسان .. وليس إدراكاً مجرداً ...بل هو إدراك للمعنى ..معنى اللحظة .. واللحظة متصلة بملايين اللحظات السابقة .. ولأنه عاش كل لحظات عمره بكل هذا الكيان الماثل أمامه فى المرأة (جسداً ونفساً ) لذلك تكون هناك ألفة ومحبة مع هذا الكيان .. ألفة ومحبة تكونت خلال رحلة العمر منذ أن وعى أن له جسداً ونفساً .. ولذا فإنه إذا كان أنفه كبير حقاً فإنه يراه كبير وليس غريب .. كما أنه لا يستطيع أن يرفض هذا الأنف الكبير .. كما أنه لا يطلب تغييره أو تصغيره .. بل إن الفكرة تُفزعه .. فهذا الأنف الكبير بدأ الرحلة مع كل هذا الكيان (جسداً ونفساً) فنشأ الإنسجام وحدثت الألفة فذاب فى الكيان .. والقبول هذا للكيان كك .. ولا يمكن أن يقبل بعض ويرفض بعض .. ولذلك فهو يراه أنفاً كبيراً ولكنه لا يدركه كبيراً .. والفرق كبير بين الرؤية والإدراك .. الرؤية هى شئ مجرد يتم عن طريق العينين .. أما الإدراك فهو المعنى .. الإحساس .. والمعنى حالة عقلية داخلية تتم عن طريق الفكر والوجدان ..إذن فهذه الحالة هى خلل فى الإدراك تنشأ عن إضطراب الفكر والوجدان .. تبدأ عادة الحالة فى سن المراهقة أو بعدها وخاصة بعد حدوث التغيرات الفسيولوجية المتلاحقة فى فترة المراهقة.. هذه التغيرات تكون مفاجئة وسريعة ومتلاحقة ومرتبطة بالجنس .. ودور الإنسان فى المجتمع وعلاقته بالجنس الأخر .. موقف المجتمع نفسه يتغير تجاه المراهق .. وبذلك يتعرض لهزة عنيفة ،وخاصة أن النمو الجسدى يسبق النمو النفسى فى تلك المرحلة من العمر ..
الحالة تبدأ تدريجياً وقد يسبقها أو يصاحب بدايتها اختلال الأنية واختلال الواقع .. الحالة عادة تصيب مرتفعى الذكاء .. تصيب الإنطوائى الخجول الحساس المحب المتأمل ، وخاصة المتأمل لذاته ، من ليس له اهتمامات اجتماعية ، فهو منصرف لنفسه ناشداً الكمال : الكمال فى مظهره وأيضاً فى دراسته أو فى عمله .. وقد يكون موسوساً دقيقاً وأيضاً متردداً .. المشكلة فى الإصرار على الجراحة .. وإذا أخطأ الجراح ووافق المريض واجرى له الجراحة التى يريدها ، فإن الحالة تسؤ أكثر .. فالجراحة قد غيرت فى شكل العضو ولكنها لم تغير فى ادراك المريض ..فلذا فإن المريض يعود ويطالب بجراحة أخرى .. وربما يطالب بجراحة لتعيد الوضع الأول الذى كان عليه ..وذلك يؤكد غياب الإستبصار الناشئ عن ظل الإدراك ، نتيجة لإضطراب التفكير والوجدان ..
هذه الحالة تأتى مستقلة ، تعتبر مرضاً مستقلاً .. وقد تكون مجرد عرض لمرض أخر ، وخاصة مرض الفصام (الشيزوفرينيا) ..

لماذا يحدث الحب من أول نظرة ؟

وكما أن الإنسان يقبل شكله كما هو ، فإنه يدرك ويقبل الأخرين بنفس الطريقة .. الإنسان يقبل ويدرك الأخرين بنفس الطريقة .. الإنسان يدرك ويقبل إنساناً أخر كمعنى مرتبط بمعنى وجوده هونفسه .. لذا فإن مشاعر الحب والكراهية لا تعتمد إطلاقاً على الشكل .. حتى فى الحالات التى يشعر فيها انسان أنه أحب إنساناً أخر من أول نظرة .. فإن مشاعر الحب هذه ليست مرتبطة بالشكل .. ولكن الذى حدث أن هذا الشكل أرتبط بمعنى محبب مُختزن فى ذاكرته .. وحين رأى هذا الشكل ثارت لديه مشاعر الحب المختزنة ، والمرتبطة بهذا الشكل .. أنا أحبك هنا معناها أننى حين رأيتك أدركت المعنى الصادر عنك ..معنى أحببته قبل أن أراك .. وجئت أنت فجسدت هذا المعنى ..
الاسمبريد إلكترونيرسالة