U3F1ZWV6ZTUyMjMzMDUzNzk5NDI3X0ZyZWUzMjk1MzEyNjk3MzkzMA==
أبحث فى جوجل
أبحث فى جوجل

هوس الحب (ذهان الحب)




هوس الحب (ذهان الحب)





هوس الحب من الحالات التى تحدث كثيراً بين السيدات ، فهى ليست حالة نادرة الحدوث .. نراها من حين لأخر فى العيادة النفسية .. والحالات التى لا نراها أكثر وأكثر .. فيس كل هذه الحالات تجد طريقها إلى الطبيب النفسى إلا فى المراحل المتقدمة المتفاقمة إو إذا كان هناك مرض عقلى .. ويكون ذهان الحب هو أحد أعراضها بجانب أعراض عقلية أخرى ..
الحالة عادة تصيب السيدات .. ولكنها عادة قد تصيب الرجال أيضاً ولكن بنسبة قليلة عن النساء .. فكرة خاطئة تسيطر عليها أن رجلاً ما وقع فى غرامها .. رجل من طبقة إجتماعية أعلى منها وله مكانة إجتماعية مرموقة .. فهو من المشاهير : رجل سياسى أو مذيع تليفزيون أو نجم سينمائى أو كاتب مشهور .. أو شخصية عامة بارزة .. فى معظم الأحوال يكون أكبر منها سناً ..
الحالة تبدأ فجأة .. لا يوجد تدرج فى الحالة .. وإنما تظهر كاملة منذ البداية .. وتتصور أن الرجل هو الذى وقع فى الحب اولاً .. وهو الذى بدأ فى إقترابه منها .. وهى تعتقد أنه غير متزوج .. وحتى إذا كان متزوجاً فإنها تنكر هذا الزواج أو تعتقد أنه زواج تمثيلى ..
تبدأ فى إرسال أول خطاب له .. خطاب يؤكد له أنها تحبه مثل حبه لها .. وحين لا تتلقى إجابة ترسل خطاباً ثانياً وثالثاً .. وقد تستمر فى إرسال خطاب كل يوم .. ثم تلجأ إلى البرقيات .. فإذا لم يستجب تحاول أن تعبر عن عواطفها بارسال الهدايا .. وفى البداية تكون الهدايا فى شكل ورود تصله كل يوم إلى بيته أو مكان عمله .. ثم ترسل له هدايا بكل ما تملك .. فإذا كانت حالتها المادية تسمح فإن هذه الهدايا تكون قيمة للغاية وأيضاً قد ترسل هدية كل يوم ..
ثم تبدأ أخطر مراحل الحالة وهى متابعته ..
فى البداية تختبئ لتراه وهو يغادر بيته أو عمله .. ثم تمشى خلفه دون أن يراها أو تتابعه بسيارتها .. وقد تتفرغ تماماً لمراقبته فى كل مكان .. والمتابعة أيضاً تكون عن طريق التليفون ، فتحاول أن تتصل به فى كل مكان يتواجد فيه وفى أى ساعة من ساعات الليل والنهار .. وبذلك تنقلب حياة محبوبها إلى جحيم .. فهو يشعر أن هناك متابعة ومراقبة فى كل ساعة .. ويساوره الخوف من هذه الملاحقة العنيفة .. وبالطبع فإنه لا يجرؤ على لقائها فى الأماكن التى تحددها فى خطاباتها .. وقد يزجرها فى التليفون .. وهنا تأخذ مطاردتها شكلاً أعنف إعتقاداً منها أنه يرفض مقابلتها لأنه لا يريد أن يفضح عواطفه أمام الأخرين .. تصف هى سلوكه بأنه متناقض فهو يأخذ مواقف عكس مشاعرة الحقيقية .. يهرب منها بالرغم من أنه يحبها ..
فى بعض مراحل المرض قد تقدم على تصرفات تكشف عن إضطرابها الواضح وإنفصالها عن الواقع فتوجه الأهانات له أو لزوجته وأولاده فى التليفون أو تفاجئه بالزيارة فى بيته أو مكان عمله أو قد تلجأ لزميل له أو لرئيسه شارحة المشكلة بينهما ..
كما أنه ليس مستبعداً أن تهدد باستعمال العنف ضده أو ضد أسرته ، وذلك حين يعاملها بقسوة .. فيتحول حبها إلى كراهية ورغبة فى الإنتقام ..
وطبعاً تعيس الرجل الذى يتعرض لمثل هذا الموقف .. فقد تستطيع هى أن تقنع الأخرين بأنه هو الذى بدأ بحبها حتى وقعت فى حبه ، ثم هو الأن يتهرب منها ..
والتصرفات غير المسؤولة التى قد تصدر عنها لا حدود لها .. فقد تركب طائرة لتذهب خلفه إلى أى مكان .. وقد تحاول أن تعمل فى المكان الذى يعمل فيه .. وقد تنتقل لتسكن بجواره .. وقد تكتب للصحف أو المسئولين شاكية موقفه منها ..
وقد تظن تباطؤه فى الأنتقال للحياة معها بسبب ضائقته الماديه فترسل له مبلغاً كبيراً من المال أو تذهب إلى محام لتتنازل عن ممتلكاتها له ..
هذه التصرفات غير المسئولة تصدر عادة إذا كان (ذهان الحب) يشكل عرضاً لمرض عقلى أخر كالبارانويا أو الفصام الإضطهادى ..
إما إذا كان ذهان الحب موجوداً بشكل مستقل ، فإن شخصيتها تكون متماسكة .. ولا يبدوا عليها أى إضطراب .. ولا يجرؤ أحد أن يشك فى قواها العقية ، فهى تبدو طبيعية فى كل شئ ما عدا هذه الفكرة التى تسيطر عليها ..
وهو ليس حباً رومانسياً خالصاً .. ولكن تكون هناك رغبة فى إقامة علاقة جنسية .. وفى هذه الحالة يجب أن نفرق بين ذهان الحب والهوس الجنسى .. فى (ذهان الحب) يكون هناك الأعتقاد الخاطئ بوجود حب متبادل بين الطرفين .. أم فى (الهوس الجنس) لا يوجد إلا رغبة مستمرة لا تقاوم فى الممارسة الجنسية غير المسئولة فى أى وقت ومع أى إنسان وفى أى مكان بدون وعى يفرض الحرص والحيطة ..
كما يجب التفرقة بين (ذهان الحب ) و(الإعجاب) .. فى حالة الإعجاب قد يكون من طرف واحد مع الوعى الكامل عند هذه الطرف أن الطرف الأخر لا يبادله نفس الإعجاب ، وحتى إذا كان الإعجاب متبادلاً فإن كل طرف يدرك ويعى حدود العلاقة .. ويلك بناء على موقف ومدى إستجابة الطرف الأخر ..
فى حالة الإعجاب قد يقول طرف أنه يعتقد أن الطرف الأخر يبادله نفس الإعجاب ولكنه غير متأكد .. وهذا يعنى إرتباطه بالواقع .. ولذلك فإن سلوكه يكون طبيعياً ولا يقتحم حياة الطرف الأخر أو يطارده ، ولكن ربما يحاول أن يتقرب منه بأسلوب إجتماعى لائق .. وإذا وجد عدم تجاوب من الطرف الأخر فإن يبتعد فى سلام ..
وأيضاً يجب التفرقة بين (ذهان الحب) و(الحب الحقيقى ) ..
فى الحب الحقيقى يحكى الصوتان معاً قصة الحب .. وإذا سمعت أحد الصوتين فإن صداه يكون مطابقاً للصوت الثانى .. هذا ما تعنيه كلمة حقيقى .. إنه سيمفونية أنغامها تصدر من أوتار قلبين وعقلين رغم إنفصالهما الشكلى .. فإن المعانى التى تصدر عنهما تكون متطابقة فلا تسمع (نشاز) فى سيمفونية الحب ..
وهذا ما تعنيه كلمة (التوحد) أو (الذوبان) فى الحب ..  فالبرغم من أن طرفى (الحب الحقيقى) يحتفظ كل منهما بكيانه المستقل ، إلا أن أمتازجا قد حدث بين فكرين وبين وجدانيين يحقق لهما معا وعياً وشعوراً بأن كلا منهما متصل بالأخر .. أتصالاً يحقق الفرحة والسعادة والطمأنينة .. وتكون هناك حالة رضى من كل طرف عن هذا الإتصال ..
لماذا تصاب إنسانة بحالة (هوس الحب) ؟
لماذا تتوهم أن إنساناً  قد وقع فى حبها وأنها أيضاً تحبه؟
لماذا تعيش قصة حب وهمية تعتقد أنها حقيقية ؟
إذا تعمقنا فى نوعية الإنسان الذى تختاره ، فأننا سنجد أنه يكبرها سناً ، ثم أنه يمثل قيمة إجتماعية مرموقة ومعترفاً بها تحظى بالإعجاب والتقدير .. إنها صورة تكاد تقترب من صورة الأب .. الأب الذى يمثل لنا الحماية وقضاء كل ما نحتاج .. وهو أيضاً الأب الذى كبت كل غرائزنا البدنية ، وخاصة فيما يتعلق بموضوع الجنس .. جعلنا نكبتها بالإرهاب والتجاهل ، فأصبح لنا تصور فظيع عنها .. ولكن كان هناك دائماً الرغبة فى الحصول على إرضاء لغرائزنا ، هذه الرغبة كان يصاحبها الخوف والإحساس بتأنيب الضمير .. ولهذا كانت مشاعرنا تجاه الأب متناقضة : الحب والخوف ..
ولهذا فهى إختارت رجلاً يشابه أباها .. رجل فى مثل مثاليته .. وفى نفس الوقت استطاعت أن تسقط عليه عواطفها ورغباتها الجنسية المكبوتة ..
وكأنها تقول :
هذا هو حبيبى (أبى) .. حبيبى (أبى) ذلك الرجل العظيم القوى .. ذلك الرجل (أبى) يحبنى .. ليس هذا فقط بل أنه يرغبنى جنسياً .. وهنا تتخلص المريضة من مشاعر الخوف والأحساس بالذنب .. تتخلص من مشاعر الحب والكراهية تجاه أبيها .. فذلك الرجل (الذى يمثل أبوها لا شعورياً) هو الذى بدأ معها .. هو الذى رغبها عاطفياً وجنسياً .. لم تكن هى البادئة .. بل هو البادئ .. لولا أنه هو الذى فكر فيها جنسياً لما فكرت فيه هى على هذا النحو ..
أى أن أبى الذى أخافنى وجعلنى أكبت غرائزى العاطفية والجنسية رغم رغبتى .. هذا هو اليوم يعرض على الحب الجنس ..
يمكن أن نرى المشكلة من زاوية أخرى .. أيضاً زاوية أعمق موجودة على مستوى العقل الباطن .. المشكلة أساسها الحب المفرط للذات .. الحب الذى يعوق إقامة علاقة حب مع أى إنسان أخر .. ولأن هذا غير مقبول ، فإن هذا الحب للذات لابد من إنكاره أو أسقاطه على شخص أخر .. شخص له أهمية .. شخص أكثر منها عقلاً وحكمة .. هذا الشخص يحبها بدلاً من أن تحب هى ذاتها أى هو يمثل حبها لذاتها .. ولذا فهى تطارده لكى يثبت لها ذلك .. إذا أظهر العكس فهذا يحطمها .. أنه يكشفها على حقيقتها .. يكشف حبها لذاتها ..
عالم النفس فرويد له رأى أخر .. هو يرى أن ذهان الحب هو أسلوب دفاعى عن رغبة لاشعورية فى نفس الجنس ..
أى التفسيرات نصدق ..؟ هل إعتقادنا فى أحدى التفسيرات ينفى الباقى ..؟ أم أن لكل حالة ظروفها الخاصة التى تنطبق عليها أى من هذه التفسيرات ..
أم أن كل هذه التفسيرات خاطئة .. وأن ذهان الحب يحدث نتيجة لإضطراب كميائى فى المخ ، مثل بقية الأمراض العقلية التى أصبحنا الأن نعرف أسبابها الكيميائية فى المخ .. وبذلك أصبحنا أقدر على معالجتها بالعقاقير ؟
العلم عند الله ..
الاسمبريد إلكترونيرسالة