U3F1ZWV6ZTUyMjMzMDUzNzk5NDI3X0ZyZWUzMjk1MzEyNjk3MzkzMA==
أبحث فى جوجل
أبحث فى جوجل

هذاء الثنائية ، الثنائية الوجدانية ، كابجراس




هذاء الثنائية ، الثنائية الوجدانية ، كابجراس



هذاء الثنائية أو الثنائية الوجدانية أو كابجراس ، كلها أسماء لحالة نفسية غريبة تحدث غالباً للنساء ، وهو أن تتهم المرأة أحد أقاربها أنه ليس هو ، وأنه قد أنتحل شخصية قريبها هذا ، تتهم زوجها أنه ليس زوجها ، وأنه رجل يشبه زوجها تماماً ، وأنه قد أنتحل شخصية زوجها ويريد أن يحتال عليها .
مرض أم عرض ؟ أى هل هذه الحالة مرض مستقل بذاته دون وجود أعراض أخرى أم هو أحد المظاهر لمرض أخر ؟
من النادر أن تكون حالة مستقلة .. وفى الغالب نراها ضمن أعراض أخرى فى مرض الإكتئاب ومرض الفصام .. أكثر فى النساء .. ولكنها قد تصيب الرجال أيضاً .. تسمى حالة كابجراس أو هذاء الثنائية ..
مريض الإكتئاب يعتقد أن أطفاله قد أستبدلوا وأن هؤلاء الأطفال الذين يعيشون معه الأن ليسوا أطفاله الحقيقين ..
الشاب المصاب بالفصام يؤكد أنه لا يعيش حالياً مع والديه الحقيقين .. وإنما هذان الشخصان يحتلان مكان والديه .. ولهذا فهو يرفض التعامل معهما ..
والسيدة المتقدمة فى العمر والتى أصابها الفصام أخيراً ..تؤكد أن الرجل الذى يعيش معها الأن ليس زوجها وإنما هو رجل غريب يأخذ مكان زوجها ..
يظهر هذا العرض مع بداية المرض أو أثناء تطوره .. والشخص المتهم يكون أحد الأقرباء كالزوج أو الوالدين أو الأبناء أو الأشقاء ..
الشخص المتهم هو صورة طبق الأصل من الشخص الحقيقى ، ولكنه ليس هو .. يقر المريض هذه الحقيقة وهو فى كامل وعيه وانتباهه .. أى لا يوجد أى إضطراب فى حواسه ولا يوجد أى تشوش فى الوعى .. الإدراك هنا سليم تماماً .. ولكن المريض يعانى من اضطراب فى وجدانه اسقطه على تفكيره فتكوّن لديه الأعتقاد الخاطئ بأن شخصاً قد حل محل شخص أخر وأنه بالرغم من تطابقهما الشكلى إلا أن عواطفه تدرك الحقيقة ..
إذن هناك إنفصال عن الواقع .. هناك خلل أصاب هذا الواقع .. إدراك المريض لهذا الواقع أختلف عن إدراك المحيطين به ..
ماذا تقول هذه السيدة لزوجها الذى تعتقد أنه ليس زوجها ..تقول : أنت لست أنت .. هناك رجل فى داخلى .. ورجل خارجى .. زوج حقيقى .. وزوج ليس حقيقى ..هناك إثنان .. متشابهان أحدهما أعترف به والأخر لا أعترف به .. رجل أحبه ورجل أكرهه .. رجل أريده ورجل لا أريده ..
أنت .. أنت أكرهك .. أنت إنسان سئ .. لا أريد الحياة معك .. أخرج من حياتى .. إذا أردت أن تعيش معى فلن تجدنى .. سأنتحر ولن يبقى لك شئ .. أنا أريد الرجل الأخر الذى أحبه .. الذى أحببته طوال عمرى .. الرجل الطيب .. الرجل الذى يحبنى .. الرجل الذى يرغبنى ..
إذن هى الثنائية الوجدانية .. الحب والكراهية معاً .. ولكنهما لا يمكن أن يجتمعا .. لأنه لا يمكن أن تحب وتكره فى نفس الوقت .. ولهذا لابد من إثنين .. أى لابد أن ينقسم الواحد إلى إثنين .. أحدهما تحبه والأخر تكرهه .. أحدهما تحتفظ له بمشاعر الحب الموجودة منذ زمن بعيد .. والأخر تسقط عليه مشاعرالكراهية التى تكونت حديثاً ..
ولهذا قبل بداية الحالة كانت تريده .. كانت تلح عليه .. كانت تريد منه أن يؤكد حبه لها .. أن يؤكد رغبته فيها .. كانت تشعر أنه ينفصل عنها .. أساء معاملتها .. هجرها .. لم يستمع لندائها .. أهمل أحاسيسها ..أستهان بعواطفها .. مرحلة ما قبل ظهور الحالة .. كانت تشعر بالتهديد .. بأن حبه على وشك أن يموت .. داس على كل مشاعرها .. فكرهته .. ولكنها لا تستطيع أن تكرهه لأنها تحبه .. ولهذا تكون عندها هذه الحالة الوجدانية المتناقضة .. الحب والكراهية معاً ..
لم يكن أمامها مفر إلآ أن تنفصل عن الواقع .. أن تحتفظ لنفسها بصورة حبيبها الذى تحبه ويحبها .. هذه الصورة تعطيها الطمأنينة .. لا يمكن أن يهجرنى .. أسمع منه كلمات الحب ..أرى فى عينيه الرغبة وأنا مخلصة له وهو مخلص لى ..
ولكن هناك شخص أخر لا يحبنى ولهذا أنا لا أحبه .. شخص أكرهه .. شخص يشبه حبيبى ..
هذا الشبيه يتيح لها أن تسقط مشاعر الكراهية التى تشعر بها ..
ولهذا فإن كيان هذه السيدة قد تفكك .. وبذلك فقدت إتصالها بالواقع وسقطت فى دائرة المرض العقلى ..
الحل لمشكلة التناقض الوجدانى أو الثنائية الوجدانية هو تصور وجود هذا الشخص الثانى لكى تسقط عليه مشاعر العدوان والكراهية دون أن تشعر بالذنب إذا وجهت هذه المشاعر لحبيبها .. فبينما أحتفظت لحبيبها بالمشاعر الطيبة أسقطت المشاعر السيئة على شبيهه .. حدث ذلك بعد أن فشلت فى الحصول على الطمأنينة والتأكيد من حبيبها ..
الثنائية الوجدانية تخلق الشك وعدم التأكد ، وبذك يزيد تدريجياً التوتر الداخلى فى شخصية تعانى أساساً من الحساسية الزائدة والغيرة .. وبذلك يعانى الوجدان أشد المعاناة .. الوجدان الذى أحب .. ومن منطلق الحفاظ على هذا الحب ثم تصور وجود شخص ثان ..
والحقيقة كما تحاول السيدة التى ترى رجلاً أخر جاء مكان زوجها ، وهو يشبهه تماماً ، الحقيقة كما تحاول هذه السيدة أن تعبر عنها هى أننا ندرك بمشاعرنا أو أن عملية الأدراك الحسى (من خلال الحواس ) تكتسب معناها من خلال مشاعرنا وعواطفنا .. هكذا يتم إدراك الإنسان لذاته وإدراكه للناس من حوله وأيضاً إدراكه للأشياء ..
أجهزة الأحساس ما هى إلا قنوات توصيل .. وما نراه أو نسمعه أو حتى ما نلمسه يكتسب معنى .. والمعنى يتم من خلال الوجدان .. إذن الإدراك الحقيقى يتم من طريق الوجدان ..
هكذا نستقبل عالمنا .. أو هكذا نشعربه فنستقبله .. أوهكذا هو داخلنا فنراه خارجنا ..
إذا حدث الإنفصال بين الأحساس والمشاعر نتيجة لإضطراب الوجدان ، فإن الإنسان لا يقول إن وجدانه مضطرب ولكنه يقول أن الأشياء قد تغيرت أو أختلفت ..
فإذا أنفصلت مشاعره عن إحساسه بذاته أصابه إختلال الأنية .. وإذا أنفصلت مشاعره عن إحساسه بالعالم الخارجى رأى أن هذا العالم قد أختلف وتغير أى إختلال الواقع ..
أما إذا أصيب وجدانه بالتناقض فإن الأنقسام يحدث .. حالة وجدانية بالحب .. وحالة وجدانية بالكراهية .. وهذا ما لا يقوى عليه الإنسان .. إذن لابد من عملية إسقاط  .. إسقاط الكراهية على شخص .. وإسقاط الحب على شخص أخر .. هذه الثنائية المتعلقة بشخص واحد تحل مشكلة الثنائية الوجدانية ..
وسواء أكانت هذه الحالة تظهر مستقلة أو إذا ظهرت كعرض فى مرض الفصام أو مرض الإكتئاب .. فإنها حالة وجدانية تؤدى إلى إضطراب التفكير فينفصل الإنسان عن الواقع .. أى أنها إضطراب أولى فى الوجدان .. الوجدان الذى يتمسك بحبيبه .. الوجدان الذى يلح فى طلب التأكيدات من الحبيب .. فإذا أنكره الحبيب لا يستطيع أن ينكره .. لا يستطيع أن يطلق عليه الرصاص .. لا يستطيع أن يعترف تموته تماماً كحالة كل إنسان حين ينكر الموت .. حين يموت لنا إنسان عزيز تمر بنا حالة إنكار لموته .. لا نصدق أنه مات .. بل يلازمنا شعور بأنه لا يزال على قيد الحياة وأنه فى سفر ، وسنفأجأ به يطرق الباب ويعود ليشاركنا حياتنا ..
ما أفظع الموت حينما يختطف حبيباً ..
ما أفظع الموت حينما يختطف حباً ..
الاسمبريد إلكترونيرسالة