U3F1ZWV6ZTUyMjMzMDUzNzk5NDI3X0ZyZWUzMjk1MzEyNjk3MzkzMA==
أبحث فى جوجل
أبحث فى جوجل

الغيرة المرضية (الفرق بين الغيرة الطبيعية والغيرة المرضية)





الغيرة المرضية (الفرق بين الغيرة الطبيعية والغيرة المرضية)


الغيرة إذا زادت عن حدها أصبحت غيرة مرضية ، وإندرجت تحت قائمة الأمراض النفسية الغريبة ، ولكى نفهم معنى الغيرة المرضية وأعراضها لابد أن نوضح الفرق بين الغيرة الطبيعية والغيرة المرضية ..
الغيرة الطبيعية هو موجودة فى غريزة الإنسان السليم عقلياً ،، والإنسان الذى لا تنتابه مشاعر الغيرة هو إنسان متبلد وجدانياً .. هذا الإنسان تكون علاقته بالناس وبالأشياء ميته .. فهو لا يسعى من أجل أن يمتلك شيئاً .. وإذا أمتلك شيئاً لا يحافظ عليه .. فهو لا يستشعر الخوف من إحتمال فقدان هذا الشئ .. وإذا فقده فإنه لا يشعر بالأسى .. الإنسان المتبلد وجدانياً ليس له طموح ولا يسعى من أجل التفوق .. والسعى من أجل التفوق هو محاولة إمتلاك مالا يستطيع أن يمتلكه الأخرون ..
إنها المنافسة من أجل الحصول على هذا الشئ .. كالطالب الذى يسعى من أجل أن يكون الأول .. أو كالفرقة الرياضية التى تسعى من أجل الحصول على الكأس أو الذى يدخل فى مسابقة من أجل الحصول على وضيفة أو جائزة .. الإنسان فى كل هذه الحالات يحاول أن يتغلب أو ينتصر على ضعفه الموروث .. التغلب على احساسه بالغجز .. وإذا أمتلك الإنسان الشئ الذى سعى إليه فإنه يحافظ عليه لكى يستمر فى حالة معنوية مرتفعة وليؤكد أحقيته بهذا الشئ .. إنه الطموح من أجل التفوق النابع من إحساس الإنسان بالضعف والعجز ..
والحب هو إنتصار الإنسان على الخوف .. أى هو الطمأنينة .. والزواج تأكيداً لذلك .. ولذلك فإن كل طرف يشعر أنه أمتلك الطرف الأخر ..ملكية مطلقة لا يشاركه فيه أحد .. ولأنها اختارته فهو الأكفأ والأحسن .. ولأنه اختارها فهى الأفضل والأجمل .. ولذا فكل طرف يشعر باهليته واحقيته فى هذا الإمتلاك .. وعليه بعد ذلك أن يحافظ على ما أمتلك ..
الحب تملك .. والزواج توثيق لهذا التملك .. أو هو وسيلة للتأكيد .. وأيضاً وسيلة لتحذير الأخرين ألا يقتربوا .. تثور الزوجة إذا أكتشفت أن زوجها قد خلع الدبلة من أصبعه .. أول ما يتبادر إلى ذهنها أن ذلك يمثل دعوة لواحدة بأن تقترب موهماً إياها أنه غير متزوج ..
الدبلة رمز لإمتلاكها له .. إنى صاحبة الحق الوحيد فى إمتلاك هذا الرجل ..أعرف سيدة تدهورت حالتها إلى حد الغيرة المرضية وكانت البداية هى خلع زوجها للدبلة متحججاً أنه تسبب له حساسية فى أصبعه ..
إذن فهناك غيرة طبيعية لدى كل إنسان .. حتى الطفل لديه هذه الغيرة ..فالطفل دائماً يريد أن يأخذ ما يمتلكه طفل أخر .. كما أنه لا يتنازل إطلاقاً عن أى شئ إمتلكه .. وأيضاً فإنه يباهى بما يمتلكه .. ويريد أن يؤكد دائماً أن ما يمتلكه هو الأفضل والأحسن .. والطفل يغير من إبيه إذا أقترب من أمه .. فهو يعتبر أمه ملكية خاصة له ، ويستنكر مشاركة الأب فيها ..
بعض الناس تكون هذه الغيرة الطبيعية متطرفة وزائدة عندهم .. وذلك يحدث فى بعض الشخصيات التى تتسم بشكل عام بالحساسية الزائدة والشك والمشاعر الإضطهادية التى تظهر فى مواجهة أى ضغط ، أو عند الإحساس بالإحباط .. والحساسية الزائدة قد يكون مصدرها بؤرة مدفونة أساسها الإحساس بالعجز .. أخذت الغيرة عنده أبعاداً متطرفة تصل إلى حد الإساءة لمشاعر الطرف الأخر .. والتفاوت الشديد يبن الطرفين يدعم ويغذى أحاسيس العجز .. أقصد التفاوت الإجتماعى أو الإقتصادى أو التعليمى .. وخاصة إذا كان الرجل فى الوضع الأدنى .
ولكن هذا النوع من الغيرة لا يدخل فى نطاق المرض .. فهذه الغيرة لها أسبابها المفهومة كما أنها لا تنطوى على إتهام فعلى بالخيانة .. إنما فقط تتعرض الزوجة للمضايقات وتضييق الخناق .. كمنعها من الخروج أو التحدث مع الأخرين .. ومحاسبتها إذا تبسطت أو أبتسمت وهكذا ..
أما الأساس فى الغيرة المرضية فهو الأتهام بالخيانة الكاملة أو بإحتمال أو إنتظار وقوعها .. الشئ المؤكد لدى الرجل أو الزوج المصاب بالغيرة المرضية أن هناك طرفاً ثالثاً .. الأعتقاد الراسخ هنا يدخل فى نطاق اضطرابات التفكير المرضية كالهذاءات والضلالات .. ومعناها أن فكرة خاطئة تسيطر على ذهن المريض مقتنعاً بصحتها .. ولا يمكن إقناعه بعدم صحتها .. والمريض هنا يحاول العثور على أدلة ليؤكد ويدلل على صحة إقتناعه .. اذن محاولة الحصول على دليل ليست من أجل أن يقتنع هو ذاته .. لقد تعدى هذه المرحلة .. إنه واثق تماماً من وقوع الخيانة .. الدليل يحتاجه ليدرأ عن نفسه الاتهام بأنه واهم ، وأنه خاطئ وأن زوجته سيدة فاضلة .. يريد أن يثبت لها هى خيانتها .. يريد أن يثبت لها كذب إدعائها بأنها لم تخنه ..أى أن المشكلة لا تبدأ بالشك ومحاولة العثور على دليل لقطع الشك باليقين .. فاليقين موجود منذ البداية .. ولذا فإن أى محاولات لإثبات البراءة من جانب الزوجة لا تُجدى ، بل ثير إستهزاءه ، وربما تدعم ظنه ، ويعتبر أنها تحاول أن تغطى خيانتها وتلبس قناع البراءة الكاذب .
وتأتى أدلته ضعيفة واهية أو غير منطقية إلا أنها بالنسبة له تمثل أدلة قاطعة .. كأن يجد شعرة على الوسادة ، أو يجد الفراش غير مرتب ، أو يشم منه رائحة غريبة ، أو أن نظرات عينيها تتغير عند مقابلة إنسان معين ، أو أن تصرفاتها بشكل عام توحى بأن هناك شخصاً أخر ، أو أنها غيرت نوع العطر الذى أعتادت على إستخدامه ، أو أنهما عند مرورهما بمكان معين تدير رأسها فى إتجاه معين ، أو أن لون وجهها يتغير حين يرن التليفون ، أو إعتذار الطالب بأن الرقم خاطئ حين يرد هو ، أو أن صوتها تغير ويوحى بمشاعر حب جديد ، أو أنها تتأثر حين سماعها أغنية معينة ، أو أنها تمتدح أخلاق وقدرات إنسان معين ، أو أنه أكتشف خطاباً مرسلاً من صديقة لها ، ولكنه يحوى عبارات ذات مغزى ، أو أن زيارتها لبيت أسرتها قد زاد معدله فى الفترة الأخيرة .. الخ .. ورغم ضحالة هذه الأدلة إلا أنها تعتبر قوية ونهائية بالنسبة له .
وقد تكون هناك محاولات الحصول على اعتراف منها وأحياناً يلجأ إلى استعمال القوة للحصول على هذا الإعتراف حيث إن الرغبة فى الحصول على دليل تكون مُلحة ، ولا يهدأ لحظة من أجل الحصول على هذا الدليل .. ولذلك فإن سلوكه يدور فى هذا الإطار .. وهو الحصول على دليل مهما كلفه الثمن .
سلوكه الجنسى يتغير مع الحالة ويزيد فى طلب معاشرة زوجته حتى يُبعدها عن عشيقها ..
والمريض بهذا النوع من الغيرة قد لا تكون لديه أى علامات مرضية أخرى فيبدو كإنسان طبيعى تماماً ، متكيفاً فى كل أمور حياته إلا فيما يتعلق بهذا الموضوع ..
إلا أن الغيرة المرضية قد تكون عرضاً لمرض أخر كالإدمان الكحلى أو إدمان الأفيون والكوكايين .. والسبب المباشر لها فى حالة إدمان الخمور هو حالة الضعف الجنسى التى يصاب بها المدمن ، وكذلك نفور زوجته منه لإدمانه .. هنا يعتقد أنها على علاقة بإنسان أخر ..
مريض الفصام أيضاً قد تكون أحد أعراضه تلك الغيرة المرضية ..
مدرسة التحليل النفسى لها وجهة نظر أخرى فى موضوع الغيرة المرضية .. فالإنسان المصاب بهذه الحالة يعانى من الجنسية المثلية .. أى الرغبة فى نفس الجنس ، ولكنها رغبة مكبوتة فى اللا شعور .. ولأنه لا يستطيع أن يفصح عنها لنفسه شعورياً ، فيقوم بإسقاط الخيانة على زوجته.. فهو أساساً يحب هذا الرجل الذى يتوهم أن زوجته على علاقة به .. فبدلاً من أن يقول أنا أحب هذا الرجل ، فهو يقول أنا أكرهه لأن زوجتى تحبه .. فالجنسية المثلية هى الأساس فى كل مشاعر الأضطهاد المرضية .. أى أنه يتخلص من مشاعر الجنسية المثلية من خلال عملية الإسقاط ..
وإذا بحثنا عن جذورها فى الطفولة فاننا نجدها مبنية على الغيرة من الأب الذى أستحوذ على الأم .
وبعد :
قد نكتم الغيرة فى صدورنا .. قد نعبر عنها بأساليب متحضرة .. قد نعبر عنها بشكل مباشر وصريح .. قد نعبر عنها بقسوة وتجريح .. وقد نمرض فنعبر عنها فى صورة هذاءات وضلالات بأن الأمر قد وقع وأن الخيانة قد تمت ..
اللهم أصلح فساد قلوبنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة